لكن كيف استطاع برانر أن يصف المستقبل بهذه الدقة؟ في البداية، عكف
برانر نحو ثلاث سنوات على قراءة موضوعات عن دور العوامل الوراثية في
الإصابة بالأمراض والعلاقة ما بين الانفجار السكاني والعنف في المدن. وأمضى شهرا في الولايات المتحدة عام 1966، متنقلا بين لوس أنجليس وسان فرانسيسكو
وشيكاغو ونيويورك.
وبعد أن دوّن برانر ملاحظاته، ابتكر طريقة لشحذ الأفكار، تسمى التفكير الموازي. إذ تصور أنه يتحدث لشخص سافر عبر الزمن من
العصر الفيكتوري في القرن التاسع عشر إلى الستينيات من القرن العشرين،
ويفسر له كل شيء عن عصره من الهاتف إلى التحرر الجنسي. وبعدها تساءل كيف ستبدو المسلمات الثقافية في عصرنا الحالي للأجيال القادمة وكيف نستشف من
البيئات في الوقت الحاضر ما سيحدث مستقبلا.
إذ استلهم برانر، مثلا،
شخصيات "المخربين" التي ظهرت في روايته من المقالات التي قرأها عن انتشار
ما يعرف بـ "متلازمة بيتر بان"، أي أن يتصرف الشخص البالغ كأنه طفل ويرفض النضوج، وعن الأطفال الذين يخربون المواصلات العامة على سبيل المتعة والتسلية.
وفي النهاية، لم تأت دقة تنبؤات برانر في رواية زنجبار من فراغ، بل توصل إليها عبر المشاهدة والإنصات والقراءة، وفوق ذلك خياله
الطريف. ولولا انشغال برانر التام بالقضايا المعاصرة واهتمامه بمتابعتها،
لما استطاع أن يستشرف المستقبل بهذا الوضوح المذهل، وتحويل طابعته إلى آلة
زمان يتنقل بها من عصر لآخر. وتوفي برانر عام 1995، أثناء حضور مؤتمر
للخيال العلمي.
تصاعد التوتر في الخليج بعد أن أعلنت كل من السعودية والإمارات تعرض ناقلات نفط تابعة للدولتين لأعمال تخريبية أثناء وجود هذه الناقلات في المياه الأقتصادية لدولة الإمارات. وبدأ الاعلان من جانب الامارات يوم الأحد 12 مايو عن تعرض 4 سفن تابعة لها للتخريب، ثم أعلنت السعودية الأثنين
13 مايو عن استهداف ناقلتي نفط سعوديتين، الأمر الذي أدانه بشدة مجلس
التعاون الخليجي، وكل من مصر والأردن. أما المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوسي فقد وصف الاحداث في بحر عمان بأنها "مقلقة ومؤسفة" وطالب
بالتحقيق فيها.
تأتي هذه التطورات في وقت تدق فيه طبول الحرب بين واشنطن وإيران، وسط ترقب في المنطقة العربية، خاصة منطقة الخليج لما قد
تتركه مثل تلك الحرب، من تداعيات على المنطقة في حالة اندلاعها.
وبينما
تزيد واشنطن من ضغوطها، بإرسال القطع البحرية إلى المنطقة، وتحذر من المدى الواسع لتلك الحرب، تقلل إيران من جانبها من خطورة التهديدات الأمريكية،
كما يقلل من خطورتها أيضا عدة مراقبين في المنطقة.
وكانت
وسائل الإعلام الإيرانية، قد نقلت عن قائد قوات الحرس الثوري الإيراني،
اللواء حسين سلامي، قوله إن الولايات المتحدة لا تملك القدرة أو الجرأة،
على شن حرب على إيران، وإن حاملات الطائرات الأميركية ليست محصنة، كما نقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء، عن عضو البرلمان الإيراني محمد علي
بورمختار، قوله إن اللواء سلامي أكد أن إرسال حاملة طائرات أميركية إلى
المنطقة ليس سوى حرب نفسية، تسعى أميركا من ورائها لتخويف الشعب، وبعض المسؤولين العسكريين من وقوع الحرب.
غير أن مراقبين آخرين، يرون أن
اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة، ربما لا يكون أمرا مستبعدا، وأن
هناك عدة عوامل، ربما تسهم في زيادة هذا الاحتمال أهمها الأوضاع المتوترة حاليا في سوريا، ثم الضغوط الداخلية التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، وكذلك التحقيقات المتتالية بشأن الفساد التي يتعرض لها رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والتي قد تدفعهما إلى محاولة الهروب عبر سعي لانتصار خارجي.
ومن وجهة نظر مراقبين في المنطقة العربية،
تبدو تداعيات أي حرب إيرانية أمريكية، هائلة على المنطقة العربية، في ظل ما
تشهده المنطقة بالفعل من حالة اضطراب، وتبدو منطقة الخليج وهي الأقرب لأي حرب محتملة بين الطرفين، الأكثر تضررا في حالة حدوث تلك الحرب.
وفي
العديد من المناسبات حذر قادة عسكريون إيرانيون، من أن قواعد أمريكا في
منطقة الخليج، ليست بمنأى عن الصواريخ الإيرانية، في وقت يتوقع فيه
المراقبون أن تستهدف إيران، في حالة شن هجوم عليها أول ما تستهدف، عدة دول خليجية مباشرة بصواريخها.
وبجانب هجمات مباشرة من هذا النوع، فإن
قادة إيرانيين، كانوا قد حذروا أيضا من أن طهران قد تلجأ إلى إغلاق مضيق
هرمز، في وجه صادرات النفط الخليجية، المتجهة إلى العالم في حالة تعرضها للهجوم، وهو ما يعني إيقاف صادرات النفط من العراق وكل الدول الخليجية التي
تمر عبر هذا المضيق، والتي تمثل نسبة خمس استهلاك العالم من النفط..
وبعيدا عن منطقة الخليج فإن تداعيات حرب من هذا النوع في حالة اندلاعها، ستزيد في
نظر البعض من حالة الانقسام التي تعاني منها المنطقة العربية المضطربة
بالفعل، والتي تشهد معسكرات متناحرة، فدول الخليج من جانبها وكذلك اسرائيل
ستقف بكل ما أوتيت من قوة، وراء أي هجوم أمريكي على إيران، في حين أن المعسكر العربي الموالي لإيران، سيقف ضد مثل هذا الهجوم، وبجانب كل ذلك فإن
حربا من هذا القبيل، ستعمق من حالة الاضطراب التي تشهدها عدة دول عربية،
تمر حاليا بمراحل رفض لأنظمتها بجانب ما قد تؤدي إليه من تعطيل لخطط التنمية وزيادة في نسب الركود والفقر.
No comments:
Post a Comment